يلجأ البعض إلى أخذ دورات تعليمية أو تدريبية فى مجالات مختلفة مثل اللغات أو الكمبيوتر، ولكن هل فكر أحد فى تعلم تربية الأبناء؟ فى الحقيقة أن مهمة تربية الأبناء ليست بمسألة سهلة على الإطلاق، خاصة مع الأجيال الجديدة، وهذا ما أدركه علماء النفس والتربية فى أوروبا، مما دفعهم إلى إنشاء مدارس لتعليم الآباء والأمهات كيفية التعامل مع الأبناء فى ظل التغير الكبير الذى وقع بفعل ثورة التكنولوجيا والآفاق المفتوحة للمعلومات من خلال شبكة الإنترنت. فالطفل اليوم أصبح يتمتع بشخصية قوية مستقلة، كما أن هناك فجوة ملحوظة بين عقليته وعقلية الآباء والأمهات الذين يعتبرونهم قادمين من زمن فات، وتلقى هذه المدارس إقبالا كبيرا من جانب أولياء الأمور الذين يشعرون بخطورة المسئولية وصعوبة المهمة، تعطى هذه الدورات التدريبية بعض المفاتيح التى تساعد على التعامل مع الأبناء، فالأم مثلا هى التى يقع عليها العبء الأكبر فى التربية فى السنوات العشر الأولى من حياة الطفل، وعلى الأب المساعدة بقدر المستطاع، وعند سن عشر سنوات يكبر دور الأب فى توجيه الطفل الذى يصبح أكثر إنفتاحا للعالم الخارجى، ويزداد تأثره بالأصدقاء والزملاء فى المدرسة، والعلاقة بين الأم والأب والأبناء لابد أن تقوم على الصداقة والتفاهم دون عنف، فالعقاب البدنى مرفوضا، لأنه يسئ إلى العلاقة مع الأبوين، ويفقد مفعوله مع الوقت، هناك وسائل أخرى للعقاب مثل حرمانه من لعبته المفضلة، أو الإمتناع عن الكلام معه وتدليله لمدة يوم كامل إذا كان الخطأ كبيرا.
وهناك وسيلة مقترحة تحفز الطفل على السلوك الجيد، وهى وضع برنامج يومي يتبع بإستمرار، مثل تناول العشاء ثم غسيل الأسنان قبل الخلود إلى الفراش فى مواعيد محددة، وعند تنفيذ هذا البرنامج لعدة أيام متصلة يحصل على مكافأة، ومن المهم أن يتفق الأبوان على نفس التعليمات، فلا يجوز أن يوافق الأب على طلب رفضته الأم أو العكس، فلابد أن يشعر الطفل بأن هناك توافقا بين الأبوين، وأن الآراء ثابتة لا تتغير مهما ألح أو غضب.
هناك أيضا نصائح متعلقة بالتعامل مع التليفزيون أو الكمبيوتر، فحتى سن 4 سنوات لا يجوز أن يستخدمها الطفل أكثر من 40 دقيقة يوميا، وتزداد مع التقدم فى العمر، لكنها لا يجب أن تشغل معظم وقته لأنه فى حاجة إلى الحركة والتواصل مع الآخرين.
لا شك أننا فى حاجة إلى مدرسة للآباء فى بلادنا حتى نتعلم كيف نعد أجيالا نافعة وأشخاصا أسوياء يقومون بدورهم لتقدم أوطانهم.
الكاتب: جيهان مصطفى.
المصدر: جريدة الأهرام اليومى.